بركان تال في الفلبين: الجمال والخطر في آنٍ واحد

مقدمة
يُعد بركان تال (Taal Volcano) واحداً من أشهر وأخطر البراكين في الفلبين والعالم، نظراً لموقعه الفريد وطبيعته المعقدة، إضافةً إلى نشاطه البركاني المتكرر الذي يشكل تهديداً مباشراً للمناطق المحيطة به، وخاصة العاصمة مانيلا التي تبعد عنه نحو 60 كيلومتراً فقط جنوباً.
يتميز البركان بجمال طبيعي خلاب يجذب السياح، وفي الوقت نفسه يُعد رمزاً لقوة الطبيعة المدمّرة.
جدول المحتويات
الموقع الجغرافي
يقع بركان تال في مقاطعة باتانغاس (Batangas Province) ضمن منطقة كالابارزون (Calabarzon) في جزيرة لوزون، أكبر جزر الفلبين.
ما يجعل هذا البركان مميزاً هو أنه يقع داخل بحيرة تال (Taal Lake)، والتي بدورها تقع داخل فوهة بركانية ضخمة قديمة.
وداخل هذه البحيرة، توجد جزيرة فولكانو (Volcano Island) التي تحتوي على الفوهة النشطة الحالية — أي أن البركان هو “بركان داخل بحيرة داخل فوهة بركانية أخرى”، مما يجعله من أكثر التشكيلات الجيولوجية تعقيداً في العالم.
التركيب الجيولوجي
يُعتبر بركان تال من الأنواع المركّبة (Complex Volcano)، حيث يتألف من عدة فوهات وثورات بركانية متكررة على مدى آلاف السنين.
تكوّن البركان نتيجة تصادم صفيحة بحر الفلبين مع صفيحة أوراسيا، ما أدى إلى نشوء سلسلة من البراكين على طول حزام النار في المحيط الهادئ، ومن بينها بركان تال.
يتكوّن البركان من:
- الفوهة الرئيسية (Main Crater)، وهي الأكثر نشاطاً.
- الجزيرة البركانية (Volcano Island)، التي تضم عدة فتحات بركانية فرعية.
- بحيرة تال، التي تغمر الفوهة القديمة للبركان.
النشاط البركاني والتاريخ الثوري
سُجِّل أول ثوران معروف لبركان تال في القرن السادس عشر، ومنذ ذلك الحين شهد أكثر من 30 ثوراناً موثقاً.
من أبرز ثوراته:
🔸 ثوران عام 1911
كان أحد أعنف الثورات في تاريخ البركان، حيث أدى إلى مقتل أكثر من 1300 شخص وتدمير العديد من القرى المحيطة.
خلف هذا الثوران فوهة كبيرة لا تزال واضحة حتى اليوم.
🔸 ثوران عام 1965
تميز هذا الثوران بانفجارات قوية من نوع فياناتي (Phreatomagmatic) — أي ناتجة عن تفاعل الماء مع الحمم الساخنة.
تسببت الانفجارات في إطلاق أعمدة رماد ضخمة وغازات سامة.
🔸 ثوران يناير 2020
كان من أحدث وأخطر النشاطات البركانية في العقود الأخيرة.
في 12 يناير 2020، بدأ البركان بإطلاق رماد كثيف وصل إلى مانيلا، ما أدى إلى إغلاق المطارات، وإجلاء أكثر من 300,000 شخص من المناطق المجاورة.
صاحب الثوران نشاط زلزالي قوي وظهور تشوهات أرضية ناجمة عن ارتفاع الصهارة داخل الفوهة.
المخاطر البيئية والإنسانية
يشكل بركان تال خطراً كبيراً بسبب:
- قربه من المناطق السكنية، بما في ذلك العاصمة مانيلا.
- إمكانية حدوث انفجارات فياناتية مفاجئة.
- انبعاث الغازات السامة مثل ثاني أكسيد الكبريت.
- الفيضانات البركانية (Lahars) الناتجة عن اختلاط الرماد بالمياه.
- الزلازل البركانية التي ترافق النشاط البركاني.
الرقابة والإنذار المبكر
تتولى المعهد الفلبيني لعلوم البراكين والزلازل (PHIVOLCS) مهمة مراقبة بركان تال بشكل مستمر.
يُستخدم نظام إنذار يتألف من 5 مستويات:
- المستوى 0: نشاط طبيعي.
- المستوى 1: اضطرابات خفيفة.
- المستوى 2: احتمال ثوران مرتفع.
- المستوى 3: صعود الصهارة إلى السطح.
- المستوى 4: ثوران وشيك أو جارٍ.
يتم إصدار التحذيرات عبر وسائل الإعلام لإجلاء السكان في الوقت المناسب.
السياحة والطبيعة
رغم خطورته، يُعتبر بركان تال مقصداً سياحياً شهيراً.
يأتي الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بـ:
- الإطلالة الخلابة على البحيرة والفوهة من مدينة تاجايتاي (Tagaytay) القريبة.
- الرحلات البحرية عبر بحيرة تال للوصول إلى الجزيرة البركانية.
- المناظر الفوتوغرافية الفريدة التي تجمع بين الجمال الطبيعي والقوة الجيولوجية.
بعد ثوران 2020، تم تقييد السياحة مؤقتاً، لكنها بدأت بالعودة تدريجياً مع تعزيز إجراءات السلامة.
خاتمة
يُجسّد بركان تال مزيجاً رائعاً من الجمال الطبيعي والتهديد الدائم.
فهو شاهد حي على ديناميكية الأرض وقوتها، وفي الوقت نفسه مصدر رزق وجذب سياحي لسكان المنطقة.
إن فهم طبيعة هذا البركان ومراقبته المستمرة ضروريان لحماية الأرواح والممتلكات، خاصةً في بلد كالفلبين الذي يقع في قلب حزام النار.







